قانونية الإستماع إلى الموقوفين إلكترونياً في غياب أيّ نصٍّ في قانون أصول المحاكمات الجزائية يجيز ذلك

تحية وبعد،

بالإشارة إلى المسألة المطروحة والمتعلقة بقانونية الإستماع إلى الموقوفين إلكترونياً في غياب أيّ نصٍّ في قانون أصول المحاكمات الجزائية يجيز ذلك، علماً أنّ المبدأ في القانون الجزائي هو أن يمثل الموقوف أمام القاضي الجزائي/المحكمة الجزائية مخفوراً ودون قيد، جئنا بموجبه نوضح لكم ما يلي:

يتمحور البحث هول نقطتين أساسيتين:

مدى قانونية الإستماع إلى الموقوفين إلكترونياً

مصير الطعون التي قد يتم تقديمها طعناً بالإستماع إلكترونياً

1ـ بالنسبة لمدى قانونية الإستماع إلى الموقوفين إلكترونياً:

يتبيّن من مراجعة قانون أصول المحاكمات الجزائية وتحديداً الفصل الثاني تحت عنوان إستجواب المدعى عليه من قبل قاضي التحقيق، ما يلي:

الفصل الثاني - استجواب المدعى عليه

المادة 74- على قاضي التحقيق أن يتحقق من شخصية المدعى عليه فيثبت اسمه ولقبه وعمره ومكان ولادته واسمي والديه ومحل إقامته ووضعه الاجتماعي والعائلي وسوابقه القضائية. له أن يستعين بالاختصاصيين في الطب النفسي كما في الطب العضوي في مجال التأكد من شخصية المدعى عليه. إذا طلب هذا الأخير أو وكيله معاينته نفسياً أو جسدياً فلا يحق لقاضي التحقيق أن يرفض طلبه إلا بقرار معلل.

المادة 75- يستجوب قاضي التحقيق المدعى عليه في دائرته إلا إذا استحال على هذا الأخير الحضور إليها بسبب المرض أو العجز أو لعذر آخر حري بالقبول. عند تحقق المانع ينتقل قاضي التحقيق من دائرته بصحبة كاتبه إلى المكان الذي يتسنى له فيه استجواب المدعى عليه وفقاً للأصول المبينة لاحقاً.

المادة 76- على قاضي التحقيق، عند مثول المدعى عليه أمامه في المرة الأولى، أن يحيطه علماً بالجريمة المسندة إليه فيلخص له وقائعها ويطلعه على الأدلة المتوافرة لديه أو على الشبهات القائمة ضده لكي يتمكن من تفنيدها والدفاع عن نفسه. لا يلزم قاضي التحقيق بأن يعطيه الوصف القانوني للوقائع. على قاضي التحقيق أن ينبهه إلى حقوقه لا سيما حقه في الاستعانة بمحام واحد أثناء الاستجواب. إذا اغفل قاضي التحقيق إعلام المدعى عليه بالجريمة المسندة إليه، وفاقاً لما سبق بيانه، أو تنبيهه إلى حقه بالاستعانة بمحام أدى ذلك إلى بطلان الاستجواب كدليل من أدلة الإثبات.

المادة 77- على قاضي التحقيق أن يراعي مبدأ حرية إرادة المدعى عليه أثناء استجوابه وأن يتأكد من أنه يدلي بإفادته بعيداً عن كل تأثير خارجي عليه سواء أكان معنوياً أم مادياً. إذا رفض المدعى عليه الإجابة والتزم الصمت فلا يحق لقاضي التحقيق أن يكرهه على الكلام. إذا تظاهر المدعى عليه بإصابته بمرض جسدي أو نفسي أو عقلي أثناء استجوابه فيمكن الاستعانة بالخبرة الطبية لبيان حقيقة وضعه.

المادة 78- إذا رفض المدعى عليه الاستعانة بمحام فلا يلزم قاضي التحقيق بتعيين محام له. يدون ذلك في المحضر تحت طائلة بطلان الاستجواب والإجراءات اللاحقة له. يستجوبه دون محام ويستمر في إجراءات التحقيق. إذا اختار محامياً للدفاع عنه فلا يجوز لقاضي التحقيق أن يستجوبه أو أن يستمر في إجراءات التحقيق إلا بعد حضور المحامي وإطلاعه على جميع أعمال التحقيق ما عدا إفادات الشهود وذلك تحت طائلة إبطال الاستجواب والإجراءات اللاحقة له. إذا تعذر على المدعى عليه تكليف محام فيعين له قاضي التحقيق محامياً أو يعهد بتعيينه إلى نقيب المحامين. للمدعى عليه، في أي وقت من أوقات التحقيق أن يبلغ قاضي التحقيق، اسم المحامي الذي كلفه الدفاع عنه. إذا اختار لهذه الغاية عدة محامين فيجب أن يبلغ قاضي التحقيق باسم المحامي الذي ستوجه إليه مذكرة الدعوة. يدعى المحامي بمذكرة ترسل إليه قبل يوم على الأقل من الاستجواب. على كاتب قاضي التحقيق أن يثبت هذا الإجراء في المحضر مع ذكر تاريخ إرسال المذكرة. إذا لم يتبلغ المحامي مذكرة دعوته قبل موعد الجلسة فإن حضوره الاستجواب، دون أن يعترض على إجراء تبليغه، يحول دون إبطال الاستجواب. إذا لم يحضر المحامي الوكيل رغم إبلاغه أصولاً موعد الجلسة دون عذر مشروع فلقاضي التحقيق أن يتابع الاستجواب.

المادة 79- على قاضي التحقيق، قبل كل استجواب لاحق للاستجواب الأول أن يسأل المدعى عليه عما إذا كانت موافقته على أن يستجوب دون الاستعانة بمحام مستمرة وأن يثبت ذلك في المحضر تحت طائلة بطلان هذا الاستجواب والإجراءات اللاحقة له. للمدعى عليه أن يتصل بحرية بوكيله المحامي طيلة فترة التحقيق. وتكون الاتصالات بينهما سرية. لا يعتد بأي دليل ناجم عن خرق مبدأ السرية.

المادة 80- استثناء لما نصت عليه كل من المادتين 78 و79 من هذا القانون، يجوز لقاضي التحقيق بقرار معلل أن يبدأ في استجواب المدعى عليه مباشرة في حال وجود أثر أو دليل يخشى زواله. يجوز له أن يستجوب المدعى عليه دون محام في حالة الجريمة المشهودة والجريمة التي تنزل منزلتها.

المادة 81- إذا حضر وكيل المدعى عليه الاستجواب فلا يجوز له طرح أي سؤال على موكله أو الخصم إلا بواسطة قاضي التحقيق، وله أن يبدي بعض الملاحظات وأن يعترض على ما يراه متنافياً مع أصول التحقيق في ما يطرحه قاضي التحقيق من أسئلة. إذا لم يأذن قاضي التحقيق للمحامي بالكلام أو بطرح السؤال أو بإبداء الملاحظات أو الاعتراضات فعليه أن يثبت ذلك في محضر الاستجواب. للنائب العام أو أحد معاونيه أن يحضر استجواب المدعى عليه، وله أثناء ذلك أن يطرح الأسئلة ويبدي الملاحظات بواسطة قاضي التحقيق. إذا كان المدعى عليه لا يحسن اللغة العربية فيعين له قاضي التحقيق مترجماً لا يباشر مهمته إلا بعد أن يحلف اليمين بأن يقوم بعمله بصدق وأمانة. إذا كان المدعى عليه أبكم أو أصم أو غير قادر على النطق فيستعين قاضي التحقيق بمن يستطيع مخاطبته بالإشارة أو بغيرها بعد أن يحلف اليمين بأن يراعي في عمله الصدق والأمانة. إذا كان الأصم أو الأبكم يعرف الكتابة فيجري استجوابه بطريقة تدوين الأسئلة خطياً وتدوين إجابته عليها. على أن تربط الورقة التي يجيب بها الأسئلة بمحضر الاستجواب. للمدعي الشخصي والمسؤول بالمال والضامن أن يحضروا استجواب المدعى عليه أو أن يكلف كل منهم محامياً لهذا الغرض. لكل منهم أن يطرح الأسئلة ويبدي الملاحظات بواسطة قاضي التحقيق. إذا تعدد المدعى عليهم فلا يكون لأحدهم أو لوكيله، أن يحضر استجواب غير موكله إلا في حال إجراء المقابلة بينهم.

المادة 82- إذا كان قاضي التحقيق قد استجوب المدعى عليه حول فعل جرمي، باعتباره جنحة، ثم تبين له أن الوصف المنطبق عليه جنائي فعليه أن يعيد استجوابه وأن ينبهه إلى أن من حقه الاستعانة بمحام إن لم يكن قد عين محامياً لمعاونته في الدعوى. مع مراعاة الفقرة ما قبل الأخيرة من المادة 81 من هذا القانون، للمدعى عليه والمدعي الشخصي والمسؤول بالمال والضامن أو لوكلائهم أن يحضروا أعمال التحقيق ما عدا سماع الشهود. يجب إبلاغ كل منهم مذكرة دعوته قبل أربع وعشرين ساعة على الأقل من العمل التحقيقي الذي يتناوله وإلا كان العمل الجاري في غيابه باطلاً. إذا حضر من تقرر دعوته منهم، دون أن يحتج على طريقة تبليغه أو على عدم مراعاة مهلة الأربع وعشرين ساعة، اعتبر العمل التحقيقي الذي يتناوله صحيحاً. على كل من المسؤول بالمال والضامن أن يتخذ محل إقامة مختاراً ضمن المدينة أو البلدة التي تقع فيها دائرة قاضي التحقيق ما لم يكن له في أي منهما محل إقامة حقيقي لكي يتبلغ فيه ما يجب تبليغه إياه من أوراق ومذكرات. إذا لم يفعل فلا يجوز له الاعتراض على عدم تبليغه الأوراق الواجب إبلاغه إياها قانوناً. على كل من ذكر أعلاه أن يبلغ خطياً قاضي التحقيق بكل تغيير قد يطرأ على محل إقامته الحقيقي أو المختار. إذا لم يفعل فيكون إبلاغه في المحل الوارد في ملف الدعوى صحيحاً.

المادة 83- لقاضي التحقيق أن يقرر منع الاتصال بالمدعى عليه الموقوف مدة لا تزيد عن خمسة أيام. لا يشمل المنع محاميه. إذا نفذت بالمدعى عليه الموقوف غيابياً مذكرة توقيفه فعلى قاضي التحقيق، فور استلامه إشعار التوقيف، أن يحضر المدعى عليه الموقوف وأن يستجوبه عن الأفعال المسندة إليه شرط أن يراعي في استجوابه الأصول السابق بيانها.

المادة 84- إذا أبدى المدعى عليه المقيم خارج نطاق دائرة قاضي التحقيق عذراً مشروعاً يمنعه من الحضور إلى دائرته فلقاضي التحقيق أن يستنيب لاستجوابه قاضي التحقيق التابع له محل إقامة المدعى عليه أو القاضي المنفرد التابع له محل إقامة المدعى عليه. لا يجوز أن يستنيب ضابطاً عدلياً لهذا الغرض. لا يجوز لقاضي التحقيق أن ينهي التحقيق إلا إذا استجوب المدعى عليه ما لم يتعذر عليه ذلك بسبب فراره أو إذا قدر أن ما تجمع لديه من أدلة في الدعوى يكفي لمنع المحاكمة عنه بصرف النظر عن الاستجواب.

يتضح من المواد المشار إليها أعلاه ولا سيما من أحكام المادة 75 أنه عند تحقق المانع (وفي حالتنا الحاضرة نتحدث عن المانع الحاصل بسبب تفشي وباء كورونا والتدابير المتخذة للحدّ من إنتشاره) ينتقل قاضي التحقيق من دائرته بصحبة كاتبه إلى المكان الذي يتسنى له فيه استجواب المدعى عليه وفقاً للأصول المبينة في المواد التي نظمت إستجواب المدعى عليه أما قاضي التحقيق.

وعليه،

وبدلاً من إستجواب المدعى عليهم الموقوفين إلكترونياً، وتطبيقاً للمبدأ الذي إرتكز عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية، كان يقتضي على قاضي التحقيق الإنتقال إلى سجن روميه مثلاً بوصفه أكبر سجن في لبنان وإجراء الإستجوابات اللازمة من داخل قاعة المحكمة المجهزة والحاضرة.

2ـ بالنسبة لإمكانية الطعن بالإستماع إلكترونياً: مصير الطعون التي قد يتم تقديمها طعناً بالإستماع إلكترونياً:

لقد نصّت المادة 73 من قانون أصول المحاكمات الجزائية في الفقرة 7 منها على ما يلي:

الفصل الأول - الدفوع الشكلية المادة 73- يحق لكل من المدعى عليه أو لوكيله دون حضور موكله، ومن النيابة العامة أن يدلي مرة واحدة قبل استجواب المدعى عليه بدفع أو أكثر من الدفوع الآتية: 1- الدفع بانتفاء الصلاحية. 2- الدفع بسقوط الدعوى العامة بأحد أسباب السقوط المحددة قانوناً. 3- الدفع بعدم قبول الدعوى لسبب يحول دون سماعها أو السير بها قبل البحث في موضوعها. 4- الدفع بكون الفعل المدعى به لا يشكل جرماً معاقباً عليه في القانون. 5- الدفع بسبق الإدعاء أو بالتلازم. 6- الدفع بقوة القضية المحكوم بها. 7- الدفع ببطلان إجراء أو أكثر من إجراءات التحقيق. على قاضي التحقيق، بعد أن يستمع إلى المدعي الشخصي ويستطلع رأي النيابة العامة، أن يبت في الدفع خلال أسبوع من تاريخ تقديمه. لكل من الفرقاء في الدعوى أن يستأنف قراره.

إنّ هذا الدفع قد يتمّ الإرتكاز عليه من قبل من قد يعتبر نفسه متضرراً من الإستجواب الحاصل إلكترونياً والذي نعتبره مخالفاً لنص المادة 75 وما يليها من قانون أصول المحاكمات الجزائية والذي قد يصل إلى إعلان بطلان هذا الإستجواب بوصفه من أهم إجراءات التحقيق. أما الذي يعزّز ما نتقدم به، فهو نص المادة 8 من القانون رقم 81 الصادر في 10/10/2018 (المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي)، حيث جاء ما يلي: المادة 8- المفاعيل القانونية للأسناد الرسمية اﻹلكترونية: لا تنتج الأسناد الرسمية الإلكترونية أية مفاعيل قانونية إلاّ بعد إقرارها وتنظيمها بمرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العدل.

ينظم هذا المرسوم الإجراءات الخاصة والضمانات المتعلقة بهذه الأسناد ونطاقها.

وإستكمالاً للبحث من خارج نصوص قانون أصول المحاكمات الجزائية وللوقوف عند الرأي الذي قد يكون مخالفاً للمبدأ المكرس قانوناً، فإننا نشير إلى ما يلي:

إعتبر بعض الإجتهاد أنه لا يكفي أن يكون الإجراء القضائي الحاصل مخالفاً للقانون، بلّ يجب أن يكون منصوصاً على أنّ مخالفته تستتبع الإبطال، إلاّ أنّ ثمة إستثناء على ذلك حيث يمكن تدريك البطلان في الحالة التي يكون فيها الإجراء صيغة جوهرية متعلقة بالنظام العام وقد حصل ضرر فعلي مثبت (وليس نظري) لمن عانى المخالفة، خاصةً في حالة الإستماع إلى الموقف إلكترونياً في حال عدم رفضه ومحاميه لهذا الإجراء.

كما قد يعتبر البعض، ونحن لسنا من هذا الرأي لإعتباره مخالفة قانونية، أنّ الإستثناء الوارد في المادة 75 أ.م.ج يحرّر قاضي التحقيق من الإلتزام بالإستجواب الخاضع للتحقيق في دائرته وسيان أكان موقوفاً أم لا، إذ أنّ مسألة جلبه مخفوراً إليه ليست سوى مسألة شكلية غير جوهرية، حيث يبقى في جميع الأحوال للمرجع القضائي تصحيح هذا الخلل فيما بعد، فيزول أثر البطلان.

نخالف هذا الرأي بشدّة لوضوح نص المادة 75 أصول محاكمات جزائية التي أوجبت على قاضي التحقيق الإنتقال برفقة كاتبه للإستماع إلى المدعى عليه عند وجود أيّ مانع.

نتمنى أن يكون هذا التوضيح مفيداً إحتراماً للقانون وتطبيقاً لنصوصه الآمرة كما وإحتراماً لحقوق المدعى عليه في الدعوى الجزائية إنطلاقاً مما نصّ عليه قانون أصول المحاكمات الجزائية.

وتفضلوا بقبول الإحترام،

المحامي روي ميشال مدكور

Previous
Previous

Quick Overview: Enforcement of Foreign Judgements in Lebanon

Next
Next

Quick overview: Lebanese Data Protection Law (Law no. 81/2018)